كما هو معروف للبعض، تنقسم جميع لغات العالم إلى “لغات حية”، تتحدث بها الشعوب فى الفترة الحالية كاللغة العربية والانجليزية ، و”لغات ميتة” اندثرت مع الأيام كالهيروغليفية واليونانية، ولكن المثير للعجب أن تجد بعض مصطلحات اللغات الميتة، تحيا وسط كلامنا فى الحياة اليومية، حيث يوجد العشرات من مصطلحات الشعب المصرى، تعود إلى اللغة الهيروغليفية والقبطية القديمة.
بداية علينا أولا أن نعرف طبيعة اللغة الهيروغليفية (المصرية القديمة)، تعتبر هى اللغة الوحيدة التى تتكون فيها جذور الكلمات من المثانى المكونة من حرفين اثنين فقط والعجيب أن اللغة المصرية القديمة التى تتكون أساسا من عشرات المئات من المثانى (الكلمات الثنائية الصوت) قد كتبها أجدادنا بعلامات بيانية واضحة وقاطعة، والتى تعرف اليوم بالعلامات الهيروغليفية وعددها حوالى 2500 علامة ثنائية النغمة (المثاني) وأكثر من 5000 علامة مركبة ذات نغمات ثلاثية ورباعية تعطى منطوقا لكلمات مصرية وعربية كاملة التكوين الأبجدى .. بالإضافة إلى علامات الحروف الأبجدية المصرية التى يبلغ عددها حوالى 31 علامة .
ويمكن أن تندهش إذا عرفت أن الفول المدمس أصله فرعونى، وكان يطلق عليه “متمس”، بمعنى إنضاج الفول بواسطة دفنه فى التراب، وأن البيصارة وهى أكلة مصرية قديمة واسمها “بيصورو “، ومعناها الفول المطبوخ.
ومن أوائل الكلمات التى يستعملها الطفل المصرى كلمة ( مم) وهى فى الأصل (موم) ومعناها كل أو تناول طعامك، وامبو هى فى الأصل (امبمو) وبمعنى أشرب كما تعلمنا من أمهاتنا.
وعندما تعلم الأم إبنها المشى فتغنى له “تاتا – خطى العتبة” ويعتقد أن هذه الأغنية نشأت عند تعلم الأقباط اللغة العربية، لأنها تحتوى على اللغتين القبطية والفرعونية فى أغنية واحدة.
وإذا جرح الطفل أو شعر بالألم فيشير إلى الموضع ويقول “واوا”، والتى تعنى فى الهيروغليفية الألم والوجع، وعندما تلاعب الأم ابنها تقول له “بخ” أى عفريت أو شيطان، أما إذا أرادت الأم تخويف طفلها فتقول له فى الظلام يوجد “بعبع” وهو شيطان كان يستعمله القدماء فى أعمال السحر اسمه “بوبو”.
وكثيراً ما يبتهج الأطفال بسقوط الأمطار فيتغنون تحتها قائلين: يا مطرة رخى رخى … ” وهى من كلمة (رخ) الفرعونية، ومعناها “ينزل” وعندما تتسخ ملابس الطفل حذرته أمه من ‘السخام’ أى النجاسة، وتحذره من مد يده للقذراة وتقول له كلمة ‘كخ”.
وعرف المصرى القديم اسم اللحمة باسم ‘حات’، والعظم اسمه ‘بات’، والجزار اسمه ‘حاتى’ والتى ما زالت تطلق حتى اليوم على صانع الكباب والكفتة، والذى أكل الطعام كله نقول ‘حتتك بتتك’ أى أنه لم يفرق بين اللحم والعظم، وعن الفقير ‘حاتا باتا’ أى أنه جلد على عظم. ومن أنواع السمك البسارية والشلبة، وأصلها ‘بسارى وشلقاو’، وأما الجبنة الطازجة فنطلق عليها ‘حالوم’ وهى كلمة قبطية. ولايزال القرويون حين يلعبون الكرة الشراب فى الجرن.. يستخدمون مفردات فرعونية مثل ‘الميس’ الذى يصد الكرة، ويستعملون الأعداد القديمة وأولها ‘سنو’ .
وهناك مصطلحات شعبية دارجة نستخدمها فى حياتنا، من أصل فرعونى مثل كلمة “شبشب” والتى أصلها القبطى “سب سويب”، ومعناها مقياس القدم، وفى الحر نقول: “الدنيا بقت صهد”، و”صهد” كلمة قبطية تعنى نار. ومازال المصريون يصفون الشخص مفتول العضلات بأنه ‘عنتيل’ وأصلها ‘عنتورى’ يعنى قوى. ويقولون عن ريح الشمال الباردة ‘طياب’ وريح الجنوب الدافئة ‘مريس’ ومنها أغنية: ياهوا يامريس.. نشف لى قميص.
وكلمة “نونو” وهى الوليد الصغير، وكلمة “كحكح” وتعنى العجوز، وكلمة “طنش” معناها لم يستجب، و”بطح” تعنى الضرب فى الرأس، و”خم” معانها الخداع، و”كركر” تستخدم للتعبير عن الضحك الكثير
ومن الكلمات التى تستخدم فى السب والتحقير كلمة “بقف” وهو جلد النعجة ووصف الشخص التافه بأنه “مهياص” وهى مكونة من لفظين: مه بمعنى يملأ ويص بمعنى التسرع والشطط وعندما يتراجع الشخص عن عهوده نصفه بأنه (حمرأ )، فإذا كان خفيف العقل نقول أن عقله ( تراللي)، كما نحن نقول بشبش الطوبة اللى تحت دماغه وهو الطوب بعد صب الماء عليه ليكون لينا ومن أسماء المكاييل التى لاتزال سائدة (الأردب وأصله أرطبة والويبة والتليس) بمعنى الزكيبة.
ونقول عن المرأة المشغولة عن ضيوفها بأنها ‘مطهومة’ فإذا بالغت فى تكريم ضيوفها قدمت لهم ‘كانى’ و’مانى’ أى السمن والعسل، أما دكان ‘الزلبانى’ فهو صانع الفطير وكلها أسماء فرعونية.
وكلمات أخرى مثل(زى) بمعنى مثل و(بص) بمعنى انظر و(شب) بمعنى قم أو انهض و (أر) بمعنى حسد و(لأ) بمعنى لا للنفى و(مش) أيضا بمعنى لا للنفى و( زن ) بمعنى طنين أو تكرار الكلام عدة مرات، ونقول على الأسنان السيئ (سو) بمعنى سيئ أو سوء أو شؤم و(دش) بمعنى الثرثرة أو كسر الأشياء، وقد أحيانا نقول كلمة دشن الشىء بمعنى افتتحه مثل تدشين قناة السويس أى افتتاح قناة السويس وهى مشتقة من دش.
وهناك الكثير من البلاد المصرية تبدأ أسماءها بكلمة فرعونية مثل كلمة “ميت”، مثل ميت غمر أو ميت برة ومعنى كلمة ميت تعنى(طريق)، ومنيا مثل منيا القمح أو مينا البصل بالقرب من منطقة سوق الجمعة بالإسكندرية، حيث كلمة منيا يعنى ( محطة(.
وهناك بلاد اسمها فرعونى مثل دمنهور أى مدينة ( هور) أى الإله حور فتكون مدينة الإله حور.
ومن الكلمات التى لن تصدق أنها فرعونية “دوشة” ومعناها”كلام بصوت مرتفع”، وكذلك كلمة “دردشة” ومعناها كلام فارغ فى اللغة المصرية القديمة” شأشأ الفجر”أى طلع الفجر والدنيا نورت .. وهى عند الفراعنة {شاهشا} وترجمتها سطع أو أضاء .
” كما نقول العيش باش ” عندما تطوله المياه .. وكلمة {باش} كلمة فرعونية ومعناها ” طرى أو ندى “، ويقولك .. فلان ” كوش ” على كل حاجة .. وكلمة {كوش} كلمة فرعونية معناها ” سرق الشىء جميعه “..وفيه بلاد عندنا تقول ” سك الباب ” أى أقفل الباب وكلمة {سك} كلمة فرعونية معناها ” أغلق “و كلمة “مأهور” فرعونية معناها حزين “مأأ” معناها يدقق النظر و “بح” بمعنى انتهى و”ابح” بمعنى حمل.
و عندما يأتى رمضان نقول “وحوى يا وحوى إياحة” دون أن نعلم أن أصلها فرعونى يرجع إلى أيام الملك أحمس، وبالتحديد بعد انتصاره على الهكسوس، حيث خرج الشعب يحى الملكة “إياح حتب”، أم الملك المنتصر “أحمس” الذى طارد الهكسوس، فكانوا بيقولوا (واح واح إياح ) بمعنى تعيش تعيش إياح، ومع الزمن الكلمة صارت وحوى يا وحوى إياحه، وأصبحنا نقولها احتفالاً برمضان
إرسال تعليق تعليقات المجلة تعليقات فيسبوك